تخوفات وتحذيرات متجددة في تركيا من احتمال تكرار محاولة الانقلاب بـ«دموية أكبر»

مع اقتراب الذكرى الأولى لمحاولة الانقلاب الفاشلة التي جرت في تركيا في الخامس عشر من تموز/ يوليو الماضي، تتجدد التخوفات والتحذيرات من احتمال تكرار المحاولة الانقلابية بصورة أكبر دموية، لا سيما مع ترافق التحذيرات هذه المرة مع اعتقالات نوعية طالت قبل أيام كبير مستشاري رئيس الوزراء بن علي يلدريم.
والسبت، اعتقلت قوات الأمن التركية «بيرول أردم» كبير مستشاري رئيس الوزراء التركي لاتهامه بالانتماء إلى جماعة فتح الله غولن، حيث وضع بالسجن على ذمة التحقيق مع زوجته غولومسر أردم، بناء على طلب نيابة أنقرة وسط شبهات بأنه كان الشخص الثاني في وزارة العدل من 2011 إلى 2014، وسهل ترقية قضاة مقربين لغولن والذين تصدروا بدورهم محاولة الانقلاب الأخيرة.
والاثنين، اعتقل الأمن التركي في العاصمة أنقرة «أكرم يتار» زوج ابنة القيادي البارز وأحد مؤسسي حزب العدالة والتنمية الحاكم بولنت أرينتش الذي شغل بالسابق منصب نائب رئيس الوزراء في حقبة أردوغان، وذلك للاشتباه بعلاقته فيما تطلق عليه الحكومة «تنظيم غولن الإرهابي».
«عبد القادر سيلفي» أكبر الكتاب الأتراك والمقربين من الحكومة، حذر في مقال له في صحيفة «حرييت» تحت عنوان «تاريخ الانقلاب الجديد لأنصار غولن» حذر فيه من أن احتمال حصول محاولة انقلاب جديدة وارد بقوة وأن ليس هناك شيء مستبعد في هذا الإطار، محذراً من التراخي في التعامل مع هذه المؤشرات.
وقال الكاتب إن انقلابيين من أنصار غولن متواجدون في الجزر اليونانية يتوعدون بمحاولة انقلاب جديدة قبيل الخامس عشر من الشهر الحالي، ويتوعدون أردوغان «بأن لا يأتي عليه العيد المقبل»، لافتاً إلى أنهم يتوعدون بأن «الكثير من الدماء سوف تسيل»، وعاد الكاتب أمس الثلاثاء، للتأكيد في مقال جديد على أنه حذر بأن «الانقلابيين هم من ألمحوا لموعد جديد للانقلاب»، وليس كما كتبت الصحافة التركية بأن «عبد القادر سيلفي كشف موعد الانقلاب المقبل».
ونقل الكاتب أحمد هاكان عن مسؤول كبير في القوات المسلحة التركية قوله إن مجموعة كبيرة من قادة القوات المسلحة التركية ما زالت تتبع لفتح الله غولن، وأن هذه المجموعة قادرة على القيام بمحاولة انقلاب جديدة خلال الفترة المقبلة، وأن الانقلابيين سوف يركزون في خطواتهم الأولى على محاولة اغتيال الرئيس التركي رجب طيب أروغان.
ورداً على المقال السابق، قال المسؤول العسكري إن «أي مجموعة انقلابية أو تخطط لتنفيذ انقلاب لا يمكنها أن تعطي تاريخا لما تنوي القيام به».
زعيم حزب الحركة القومية المقرب من الحكومة هدد، الثلاثاء في خطاب أمام الكتلة البرلمانية لحزبه بأن «الشعب التركي لن يسمح بأي محاولة انقلابية جديدة وأن الانقلابيين لن يجدوا حفنة ترامب من الأراضي التركية لدفن جثثهم».
وبينما يرى البعض أن هذه التهديدات جدية وأن احتمال الانقلاب ما زال قائماً بقوة في البلاد، يعتبر مراقبون أن جميع هذه العمليات والتحذيرات هي بمثابة خطوات استباقيه تهدف منها الحكومة إلى القضاء على أي محاولات جديدة في مهدها، لافتين إلى أن الإجراءات السابقة دمرت القوة الأساسية لأنصار غولن داخل تركيبة الدولة وخاصة الجيش.
والشهر الماضي، وفي أضخم حملة اعتقالات منذ محاولة الانقلاب اعتقلت السلطات التركية أكثر من 1000 شخص في عملية أمنية ضخمة ومتزامنة جرى تنفيذها في جميع المحافظات التركية الـ81 وتركزت بين منتسبي الدوائر الأمنية الرسمية متهمين بمحاولة تشكل تنظيم سري وهم من الأنصار المفترضين لفتح الله غولن.
وأكد رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم آنذاك أن حكومته ما زالت تحارب بقوة «تنظيم غولن»، قائلاً: «كما قلنا من البداية الأمر معقد جداً ومحاربة التنظيم أمر ليس سهلاً، ومع تفكيك الشبكات والعلاقات والارتباطات.. من يوم لآخر نكتشف أشياء وشبكات جديدة، ويوجد ما لم نكتشفه بعد».
ومنذ محاولة الانقلاب السابقة، شنت قوات الأمن التركي حملت تطهير غير مسبوقة شملت جميع المشتبه بانتمائهم أو دعمهم لجماعة غولن في دوائر الدولة المدنية والعسكرية وشمل ذلك اعتقال قرابة 50 ألف شخص وفصل قرابة 100 ألف من وظائفهم، وما زالت حتى اليوم تقوم قوات الأمن بحملات اعتقال شبه يومية بحق مشتبهين جدد.
واعتباراً من الاثنين، بدأت مهلة مدتها 3 أشهر، يتم في نهايتها سحب الجنسية التركية عن 130 شخصا بينهم زعيم فتح الله غولن، إذا لم يعودوا خلالها إلى تركيا. ونشرت الجريدة الرسمية التركية بيانا لوزارة الداخلية تضمن أسماء الأشخاص الـ 130، التي تستمر التحقيقات بحقهم، بتهم «الإرهاب والعمل ضد النظام الدستوري في تركيا»، وهم في أغلبهم أشخاص متهمين بالعمل لصالح جماعة غولن.