تحذير من ظاهرة استخراج هويات تركية للسوريين

ع تزايد أعداد اللاجئين السوريين في دول الجوار وخاصة تركيا، وسعي الحكومة التركية لتثبيت وجودهم عبر استصدار بطاقات حماية مؤقتة لهم «هوية ـ كيمليك»، بدأ بعض السوريين في الداخل التركي يستغلون هذه الظاهرة وتحويلها لتجارة رابحة تدر عليهم . ً مئات الدولارات يومي
ففي ظل الصعوبات التي يعانيها مئات اللاجئين في استخراج الهوية التركية، بحكم الظروف السياسية والأمنية التي تعيشها البلاد وفرض الحكومة إجراءات صارمة للحصول عليها، بدأت عصابة من المحتالين والنصابين، في استغلال هذه الظاهرة، بوجود مئات السماسرة الذين يقنعوم السوريين بأنهم يستطيعون استخراج هوية تركية لهم خلال مدة لا تتجاوز ثلاثة أيام، عبر تجاوز الدور والتعليمات مقابل مبلغ مالي بسيط بنظرهم، قدره 150 دولارا أمريكيا ، فضلاً عن عمليات سرقة هويات أناس آخرين.
يروي عبد الغني صباغ، لاجئ سوري في محافظة أنطاكيا التركية، لـ «القدس العربي» كيف سرقت هويته هو وعائلته من قبل : «بتاريخ الثالث عشر من شهر نيسان/أبريل الماضي، مجموعة دخلت منزله، وادعت أنها منظمة إغاثية اسمها «نور البركة» قائلاً حضرت مجموعة من الأشخاص ويبلغ عددهم أربعة إلى الحي الذي أقطنه، وبدأوا بطرق الأبواب م ّدعين أنهم منظمة إغاثية اسمها نور البركة»
ويضيف أنه عندما علم السوريون بأمرهم، بدأ كل واحد منهم بالدعاء بأن تزوره هذه المنظمة وتدخل منزله، لأنهم توقعوا أنها لتأمين مستلزمات ً مضاعفا ً ستساهم لحد ما في مساعدتهم لاسيما مع حلول شهر رمضان، الذي يتطلب من رب الأسرة السورية جهدا منزله.
ويتابع صباغ «وصل الدور إلى منزلي، أدخلتهم بوجه بشوش وصدر رحب وابتسامتي التي لا تفارقني، أخبروني بأنهم سيقدمون مبلغ ملونة عبر «السكانر»، وافقت على الفور ونفذت ً 500 ليرة تركية لكل عائلة بمناسبة الشهر الفضيل، وطلبوا مني أن أصور هوياتنا صورا ولم ً أنه مر على زيارتهم أكثر من 20 يوما ً ما طلبوه دون تردد، سجلوا أسماءنا على دفتر صغير وأخذوا صور الهويات معهم، مضيفا يحضروا ولم يرسلوا أي شيء».
واستطرد «قبل أيام ذهبت لاستخراج إذن للسفر، لأني كنت بصدد الذهاب إلى محافظة أخرى، حضرت في المساء لاستلام الوثيقة لأتفاجأ بالموظفة تخبرني بأنني مغادر إلى سوريا وأن هويتي لم تعد صالحة للاستخدام بموجب القوانين النافذة، ذهلت من هول الصدمة وبدأت أقسم لها بأني لم أغادر وسألتني عما إذا كنت قد أعطيت هويتي لأحد، فرويت لها ما جرى مع عناصر المنظمة،
فأخبرتني بأن الهوية تم استخدامها في الخروج من معبر باب الهوى الحدودي، وأعطتني رابطا إلكترونيا يتيح لي التأكد من سلامة أي هوية أدخل رقمها، ولكن الصدمة الأكبر هي أن جميع هوياتنا تم استخدامها في عملية مماثلة، مشيرا إلى أنه وعائلته أصبحوا عاجزين عن التحرك داخل تركيا لأنه في حال قبض عليهم فسيتم ترحيلهم إلى سوريا فورا
أما عمار عبد الكريم، وهو لاجئ في غازي عنتاب التركية، روى أيضا السماسرة وعن الطرق التي يستخدمونها، فضلاً عن حالات النصب التي يقومون بها، قائلاً «كوني حديث العهد في تركيا، لم أستطع استخراج هوية تركية كغيري من اللاجئين، والسبب هو أن إدارة الأمنيات في عنتاب متوقفة عن منح الهويات هذه الفترة وعلى التسجيل بانتظار دوري، فقررت العودة إلى سوريا عبر معبر جرابلس الحدودي، وعندما ذهبت إلى هناك أخبرني موظفو المعبر، بأنه يتوجب علي الحصول على هوية أولاً»
ويذكر «لم أجد حلاً سوى اللجوء لأحد السماسرة، فأخبرني بأنه يمكنه استخراج هوية لي بالتعاون مع أحد الموظفين الأتراك مقابل فأنا أريد الخروج إلى سوريا مهما كلف الثمن، وبالفعل اتصل بي السمسار بعد ثلاثة أيام ليخبرني ً مبلغ 400 ليرة تركية، وافقت مجبرا بأنه استخرج الهوية وطلب مني الذهاب إلى مكتبه لاستلامها ودفع المبلغ المتفق عليه
يتابع عبد الكريم «هرعت مسرعا واستلمت الهوية وأنا بكامل السعادة علما أن ما دفعته لأجلها كان كل ما أملكه من مال تقريبا
وتوجهت من فوري بعدها إلى المعبر للخروج وهنا كانت الكارثة، حيث اتصل موظفو المعبر بعناصر الأمن وطلبوا منهم اعتقالي لأن هويتي مزورة وهي لشخص آخر، على الرغم من أنه عليها اسمي وصورتي الشخصية».
ويضيف أنه مكث في السجن لمدة خمسة أيام وتم الإفراج عنه بعد التحقيق معه، ليتوجه بعدها إلى الشريط الحدودي مع سوريا في مدينة أنطاكيا ويخرج تهريبا إلى سوريا، بعد دفع مبلغ قدره 150 ليرة تركية أيضا ً لأحد المهربين.