مُجدّد تركيا وصانع المنجزات.. من هو أردوغان؟

58 مليون ناخب تركي سيقررون، الأحد 16 أبريل/نيسان، هل سيقفون مع مقترح حزب العدالة والتنمية، الذي أسّسه رجل تركيا القوي، رجب طيب أردوغان، والذي يقترح تغيير نظام الحكم في البلاد من نيابي إلى رئاسي، أم سيقفون ضد المشروع الذي يمنح الرئيس صلاحيات السلطة التنفيذية بشكل كامل مستقلة عن السلطة التشريعية، التي لا تملك حق المحاسبة والحل؛ لكون الرئيس منتخباً بشكل مباشر من الشعب.
– أول رئيس منتخب
في النظام البرلماني التركي، الشعب يقترع لاختيار ممثليه في البرلمان، وتتنافس القوى السياسية للحصول على أكبر قدر من المقاعد التي تؤهل الأكثرية لاختيار رئيس الوزراء الحاكم الفعلي، وتعيين رئيس الجمهورية، المنصب الرمزي الشرفي للدولة، دون أن يكون له صلاحيات.
قانون الانتخابات الرئاسية الذي وُضع موضع التنفيذ في 20 يناير/حزيران 2012، قرّر أنّ الانتخابات الرئاسية ستعقد في 2014 بدلاً من 2012؛ قبل انتهاء ولاية السبع سنوات للرئيس عبد الله غول، الرئيس الحادي عشر، ليكون آخر رئيسٍ لتركيا ينتخب انتخاباً غير مباشر، وتبدأ حقبة اختيار الرئيس بشكل مباشر من الشعب.
أجريت الانتخابات في 10 أغسطس/آب 2014، وحسمت النتيجة بانتصار أردوغان من الجولة الأولى، بنسبة 52.1%، محققاً فوزاً عريضاً في معظم الولايات التركية، لا سيما إسطنبول وأنقرة وقونيا وسيفاس.
– تتويج بالمنجزات
ما قاد أردوغان للتتويج بتاج الجماهيرية العريضة بين شعبه، منجزاتٌ حقّقها حين أصبح رئيساً لفرع حزب الرفاه الوطني في إسطنبول، وفي عام 1994 فاز برئاسة بلدية إسطنبول، فحقق إنجازات نوعية للمدينة، بعد أن وصل إلى تشخيص أهم مشكلاتها؛ التي تتلخّص بالفساد، الذي قضى عليه، والتلوّث بالقمامة براً وبحراً، ولمعالجة المشكلة أسّس 16 شركة للعمل في قطاع الخدمات، في كل المجالات، ثم أنشأ مجلساً يضم جميع الشركات لتنسيق الخطط، ولتنتفع الشركات بعضها ببعض، فتحوّلت المدينة إلى عروس أوروبا وساحرة الشرق.
– من السجن إلى القصر
الشعبية الجارفة التي اكتسبها أردوغان لم تشفع له في نظام الدولة العلمانية الصارم؛ حيث خضع لإجراءات قضائية من قبل محكمة أمن الدولة عام 1998، انتهت بسجنه بتهمة التحريض على الكراهية الدينية، ومنعه من العمل في وظائف حكومية، ومنها الترشّح للانتخابات العامة؛ بسبب خطاب جماهيري اقتبس فيه أبياتاً من الشعر التركي تقول: “مآذننا رماحنا والمصلّون جنودنا”.
لم توقف الحادثة طموحات الرجل، بل جعلته يتأهّب لخوض غمار عملية الإصلاح الصعبة بالنهج الذي دأب عليه أستاذه نجم الدين أربكان، الذي بدأ العمل السياسي معه، حيث بدأ العمل السياسي من خلال التيار الإسلامي، إذ انخرط في سن مبكرة بصفوف حزب السلامة الوطنية، الذي أسسه أربكان عام 1972، وظل عضواً في حزبي الرفاه، ثم الفضيلة، اللذين شكّلهما أربكان إثر موجات الحظر التي كانت تطول أحزابه.
اغتنم أردوغان فرصة حظر حزب الفضيلة لينشقّ مع عدد من الأعضاء، ومنهم عبد الله غول، فشكلا حزب العدالة والتنمية عام 2001، لتبدأ حقبة القصر.
عام 2002 فاز الحزب بالأغلبية، الأمر الذي جعله يشكّل الحكومة منفرداً برئاسة عبد الله غول، فأردوغان كان لا يزال خاضعاً للمنع القانوني، وبعد شهور تم تعديل الدستور للسماح بتوليه منصب رئاسة الوزارة.
أردوغان ابن المؤسسة الدينية في تركيا، فهو خرّيج إحدى مدارسها، كما أنه بدأ العمل السياسي من خلال التيار الإسلامي، لكنه يؤكّد منذ تولّيه رئاسة الوزراء عام 2002 أنه لا يمثّل حزباً دينياً، لكنه يريد بناء دولة ديمقراطية تفصل بين الدين والدولة كما هو الحال في الغرب، ولا تسيطر فيها الدولة على الدين كما هو حال العلمانية التركية.
– “كاريزما” القائد
المتابع لشخصية أردوغان من خلال خطاباته وأحاديثه الصحفية، ومجموعة مواقف وتصرّفات معلنة، يجد أن له “شخصية كاريزمية” منحته شعبية واسعة، تجاوزت حدود تركيا لتصل إلى العالمين العربي والإسلامي، أسهمت هذه الكاريزما في استقرار تركيا وإحداث رفاهية اقتصادية غير مسبوقة في تاريخ البلاد.
واعتبر د. عبد العزيز بن عبد الله الأحمد، المشرف العام على مركز حلول للاستشارات والتدريب السعودي، أنه: “من الشخصيات المحبّبة التي لها كاريزما خاصة بها، ويتميز بقدرته على توصيل المعاني بلغة الجسد”.
وأضاف لـقناة “MBC” قائلاً: “إذا لاحظناه وهو يتكلم مع الجماهير نجد يديه مرتفعة وعيونه تعبّر عن الكلام، كما أنه يختار الألفاظ والعبارات التي يخاطب بها العقل والعاطفة”.
وتابع الأحمد: “هذه الشخصية لها قدرتها القيادية التي تؤكّد ذاتها وتشعر بالآخرين، وتصدر القرارات والأفعال المهمة، فكان مثالاً في إبراز الهوية وبناء الشخصية”. مرجعاً سبب نجاحه إلى “صفاته الفطرية والظروف التي أحاطت به، ولتاريخ التربية لديه”.