صحة

ارتفاع وفيات الحمى النزفية في العراق خلال العام الحالي

حمى القرم-الكونغو النزفية: تفشي مقلق في العراق وتصاعد المخاطر عالميًا

مقدمة:

تشهد جمهورية العراق تفشيًا مقلقًا لحمى القرم-الكونغو النزفية (CCHF)، وهو مرض فيروسي خطير ينتقل إلى الإنسان عن طريق القراد أو ملامسة دم وأنسجة الحيوانات المصابة. ويثير هذا التفشي مخاوف جدية بشأن الصحة العامة في العراق والمنطقة، خاصة مع ارتفاع أعداد الإصابات والوفيات.

انتقال العدوى وأسباب التفشي:

وفقًا لبيانات منظمة الصحة العالمية (WHO)، ينتقل فيروس حمى القرم-الكونغو النزفية إلى البشر بشكل رئيسي عبر طريقتين:

  • لدغات القراد: يعتبر القراد حاملًا رئيسيًا للفيروس، وينقله إلى الحيوانات والإنسان على حد سواء.
  • ملامسة الحيوانات المصابة: تحدث الإصابة عند ملامسة دم أو أنسجة الحيوانات المصابة بالفيروس، خاصة خلال عمليات الذبح أو التعامل مع الحيوانات المريضة.

وفي العراق، الذي سجل أولى حالات الإصابة بالمرض عام 1979، يعزو المسؤولون ارتفاع أعداد الإصابات في الآونة الأخيرة إلى عدة عوامل، من بينها:

  • توقف حملات التعقيم: أدى توقف حملات التعقيم الدورية للحيوانات خلال فترة جائحة كوفيد-19 (عامي 2020 و2021) إلى زيادة أعداد الحشرات الناقلة للمرض، وبالتالي ارتفاع خطر الإصابة.
  • الظروف الاجتماعية والاقتصادية: ترتفع معدلات الإصابة في المناطق الريفية الفقيرة التي تعتمد على تربية الحيوانات كمصدر رزق رئيسي، حيث يكون الاتصال بالحيوانات المصابة أكثر شيوعًا.
  • التغيرات المناخية: قد تساهم التغيرات المناخية في انتشار أنواع جديدة من القراد أو زيادة أعدادها، مما يزيد من خطر انتقال الفيروس.

الإحصائيات المقلقة في العراق:

أعلنت وزارة الصحة العراقية عن تسجيل ارتفاع مقلق في أعداد الإصابات والوفيات الناجمة عن حمى القرم-الكونغو النزفية. فمنذ بداية العام الحالي وحتى الآن:

  • أكثر من 296 حالة مؤكدة: تم تسجيلها في مختلف أنحاء البلاد.
  • 42 حالة وفاة: وهو رقم يثير القلق ويعكس خطورة المرض.
  • ذي قار الأكثر تضررًا: سجلت محافظة ذي قار، وهي منطقة ريفية في جنوب العراق، أعلى معدلات الإصابة، حيث بلغت 114 إصابة بينها 11 وفاة.

الأعراض والمضاعفات:

تتراوح فترة حضانة الفيروس بين يوم واحد و 13 يومًا. وتبدأ الأعراض الأولية عادةً بحمى مفاجئة، وآلام في العضلات، وصداع، وآلام في البطن. ومع تطور المرض، قد تظهر أعراض أكثر خطورة، بما في ذلك:

  • نزيف: من العينين، والأذنين، والأنف، والفم.
  • فشل الأعضاء: قد يؤدي المرض إلى فشل وظائف الكبد والكلى والرئتين.
  • صدمة: قد تحدث صدمة نتيجة فقدان الدم وتلف الأعضاء.
  • الوفاة: تتراوح نسبة الوفاة بين المصابين بحمى القرم-الكونغو النزفية بين 10% و 40%، وفقًا لمنظمة الصحة العالمية.

الفئات الأكثر عرضة للخطر:

تعتبر بعض الفئات أكثر عرضة للإصابة بالمرض من غيرها، وتشمل:

  • مربو الماشية: يتعرضون لخطر الإصابة نتيجة الاحتكاك المباشر بالحيوانات المصابة.
  • العاملون في مجال الجزارة: يواجهون خطر الإصابة أثناء ذبح الحيوانات وتقطيع اللحوم.
  • العاملون في المجال الصحي: قد يتعرضون للإصابة أثناء التعامل مع المرضى المصابين.

التشخيص والعلاج:

يعتمد تشخيص حمى القرم-الكونغو النزفية على الفحوصات المخبرية التي تكشف عن وجود الفيروس في الدم أو الأنسجة. ولا يوجد علاج محدد للمرض حتى الآن، ويعتمد العلاج على تقديم الرعاية الداعمة، مثل:

  • إعطاء السوائل: لتعويض فقدان السوائل الناتج عن النزيف والحمى.
  • نقل الدم: لتعويض فقدان الدم الناتج عن النزيف.
  • دعم وظائف الأعضاء: باستخدام الأدوية والأجهزة الطبية اللازمة.

الوقاية من حمى القرم-الكونغو النزفية:

تعتبر الوقاية من المرض أمرًا بالغ الأهمية، وتشمل التدابير الوقائية ما يلي:

  • مكافحة القراد: استخدام المبيدات الحشرية لقتل القراد في المناطق الموبوءة.
  • ارتداء الملابس الواقية: عند التعامل مع الحيوانات أو في المناطق المعرضة للقراد.
  • تجنب ملامسة الحيوانات المريضة: والتعامل بحذر مع دمها وأنسجتها.
  • طهي اللحوم جيدًا: لقتل أي فيروسات قد تكون موجودة فيها.
  • التوعية الصحية: تثقيف الجمهور حول طرق انتقال المرض وكيفية الوقاية منه.
  • تطوير لقاح: لا يوجد لقاح فعال لحمى القرم-الكونغو النزفية متاح حاليًا، ولكن الأبحاث جارية لتطوير لقاح آمن وفعال.

دور منظمة الصحة العالمية والمجتمع الدولي:

تلعب منظمة الصحة العالمية دورًا حيويًا في دعم جهود الدول المتضررة لمكافحة حمى القرم-الكونغو النزفية، وذلك من خلال:

  • تقديم الدعم الفني: وتقديم المشورة بشأن استراتيجيات المكافحة والوقاية.
  • توفير الإمدادات الطبية: والأدوات اللازمة لتشخيص وعلاج المرض.
  • تنسيق الجهود الدولية: لتبادل المعلومات والخبرات.

ويتطلب التصدي لحمى القرم-الكونغو النزفية تضافر الجهود على المستويات المحلية والإقليمية والدولية، من خلال الاستثمار في البحث العلمي وتطوير اللقاحات، وتعزيز أنظمة المراقبة والإنذار المبكر، وتوفير الدعم المالي والفني للدول المتضررة.

الخلاصة:

يشكل تفشي حمى القرم-الكونغو النزفية في العراق تهديدًا خطيرًا للصحة العامة، ويتطلب اتخاذ إجراءات عاجلة للحد من انتشار المرض وحماية السكان. ومن خلال تطبيق التدابير الوقائية المناسبة، وتعزيز التعاون الدولي، يمكننا التغلب على هذا التحدي الصحي وحماية الأرواح.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى