تفشي داء الكلب بالجزائر: مخاوف شعبية وخطة وطنية للمواجهة

تفشي داء الكلب في الجزائر يثير القلق: وفيات وحملات مكثفة للوقاية
نشر في: 10 فبراير 2025 | آخر تحديث: 10 فبراير 2025، 17:22 بتوقيت مكة المكرمة
يشهد داء الكلب في الجزائر تصاعدًا ملحوظًا خلال الأشهر الأخيرة، مما أثار قلقًا واسع النطاق بين المواطنين. ويعود هذا الارتفاع في الإصابات بشكل رئيسي إلى انتشار الكلاب الضالة وصعوبة السيطرة على تكاثرها في الأحياء السكنية والقرى.
فاجعة أم البواقي تثير الهلع:
أثارت فاجعة ولاية أم البواقي، التي أودت بحياة طفلين نتيجة تعرضهما لعضات كلب مسعور، حالة من الهلع في الشارع الجزائري. على الرغم من تلقي الطفلين العلاج، إلا أن خطورة الإصابة أدت إلى وفاتهما. وقد دفعت هذه الحادثة العديد من الجهات إلى المطالبة بتدخل عاجل لإيجاد حلول جذرية للحد من انتشار المرض.
جدل حول الحلول المقترحة:
تتباين الآراء حول كيفية التعامل مع الكلاب الضالة. ففي حين يرى البعض أن التخلص منها بالقتل هو الحل الأسرع، يعتبر آخرون ذلك جريمة بحق الحيوان، ويشددون على أن التعقيم والتلقيح هما الحل الأمثل والأكثر إنسانية.
تحرك حكومي لمواجهة الداء:
استجابة لهذه المخاوف، أطلقت السلطات الجزائرية حملات وطنية مكثفة لمكافحة الكلاب الضالة، بالتوازي مع تكثيف عمليات تلقيح الحيوانات. تأتي هذه الجهود ضمن خطة حكومية طموحة تستهدف القضاء على داء الكلب في الجزائر بحلول عام 2030. وتشير الإحصائيات الرسمية إلى أن الجزائر تسجل سنويًا حوالي 15 حالة وفاة بسبب هذا المرض، وغالبية الضحايا هم من الأطفال.
ما هو داء الكلب؟
داء الكلب هو مرض فيروسي قاتل ينتقل عادة عن طريق عضة أو خدش من حيوان مصاب، وخاصة الكلاب. إذا لم يتم علاجه بسرعة، فإنه يؤدي إلى التهاب حاد في الدماغ والجهاز العصبي.
جهود دولية ومحلية للحد من انتشار المرض:
تحتفل المنظمة العالمية للصحة باليوم العالمي لداء الكلب في 28 سبتمبر من كل عام، بهدف زيادة الوعي حول هذا المرض وتشجيع الجهود العالمية لمكافحته. وشعار هذا العام هو “تحركوا.. أنتم، أنا، وكل المجتمع”، مما يؤكد على أن المسؤولية في القضاء على المرض تقع على عاتق المؤسسات الرسمية وأفراد المجتمع على حد سواء، بهدف تحقيق “صفر وفيات بشرية”.
تعتبر الجزائر عضوًا فاعلًا في المنظمة، وتسخر إمكانياتها البشرية والتقنية والطبية لمكافحة هذا الداء. وخلال لقاء إذاعي بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة داء الكلب، شددت مديرة الوقاية ومكافحة الأمراض المتنقلة بوزارة الصحة، سامية حمادي، على ضرورة دق ناقوس الخطر بعد تسجيل 9 وفيات خلال عام 2024، مؤكدة أن المرض قاتل بنسبة 100% إذا لم يتم علاجه في الوقت المناسب.
ارتفاع مقلق في الإصابات:
كشفت حمادي عن تسجيل زيادة في الإصابات تقدر بـ 17% مقارنة بعام 2023، حيث تم رصد حوالي 213 ألف حالة جديدة مقابل 182 ألف حالة في السنة السابقة. وأوضحت أن هذا الارتفاع مرتبط بشكل أساسي بانتشار الكلاب الضالة في المدن والقرى الجزائرية، بالإضافة إلى مساهمة القطط في نقل العدوى بنسبة تتراوح بين 44 و55%.
تحديات إضافية:
بالإضافة إلى انتشار الكلاب الضالة، يساهم الإقبال المتزايد على تربية الحيوانات داخل المنازل وتقاعس بعض البلديات عن مواجهة انتشار الحيوانات الضالة في تفاقم المشكلة.
الهلال الأحمر الجزائري يطلق حملة توعية:
في إطار الجهود المبذولة لمكافحة داء الكلب، أطلق الهلال الأحمر الجزائري حملة وطنية واسعة للوقاية والتوعية ضد داء الكلب، تهدف إلى نشر ثقافة الوقاية وتعزيز الوعي الصحي من خلال التشجيع على التلقيح والمتابعة الطبية باعتبارهما السبيل الأمثل للحد من انتشار المرض وحماية الصحة العامة.
دورات تكوينية لتدريب أعوان التلقيح:
نظمت المنظمة الجزائرية لمكافحة داء الكلب دورة تكوينية لفائدة أطباء ومتطوعي الهلال الأحمر، خُصصت لتدريب أعوان التلقيح تحت إشراف أطباء بيطريين ومختصين. تهدف هذه الدورة إلى إعداد فرق مؤهلة للمساهمة ميدانيا في تطعيم أكبر عدد ممكن من الكلاب والقطط عبر مختلف ولايات البلاد، باعتبار التلقيح الوسيلة الأكثر فاعلية للوقاية من هذا الداء الخطِر وضمان حماية الصحة العمومية.
الحاجة إلى استراتيجية شاملة:
إن مكافحة داء الكلب في الجزائر تتطلب استراتيجية شاملة تتضمن:
- تكثيف حملات التلقيح: ضمان وصول اللقاح إلى أكبر عدد ممكن من الحيوانات الأليفة والضالة.
- السيطرة على تكاثر الكلاب الضالة: من خلال برامج التعقيم الفعالة والإنسانية.
- رفع الوعي العام: تثقيف المواطنين حول مخاطر داء الكلب وكيفية الوقاية منه.
- تعزيز التعاون بين مختلف الجهات المعنية: بما في ذلك وزارة الصحة، البلديات، جمعيات الرفق بالحيوان، والمجتمع المدني.
- تفعيل دور المصالح البيطرية: ضمان مراقبة الحيوانات الأليفة والتأكد من تلقيها اللقاحات اللازمة.
من خلال تضافر الجهود، يمكن للجزائر أن تحقق هدف القضاء على داء الكلب وحماية صحة مواطنيها.