دولي

رئيس مدغشقر يحل الحكومة وسط احتجاجات “جيل زد”

أزمة سياسية في مدغشقر: الرئيس يحل الحكومة استجابةً لاحتجاجات شعبية متزايدة

تواجه مدغشقر أزمة سياسية متصاعدة دفعت الرئيس أندري راجولينا إلى إعلان حل الحكومة، وذلك في أعقاب أيام من الاحتجاجات الحاشدة التي يقودها الشباب اعتراضاً على الانقطاعات المتكررة في خدمات المياه والكهرباء، بالإضافة إلى قضايا أخرى تتعلق بالمعيشة وتدهور الأوضاع الاقتصادية.

في خطاب متلفز للأمة، أقر الرئيس راجولينا بوجود قصور في أداء بعض أعضاء الحكومة، معربًا عن “اعتذاره إذا لم يقم أعضاء الحكومة بالمهام الموكلة إليهم”.

“جيل زد” يقود التغيير:

تصدرت احتجاجات “جيل زد” المشهد، حيث خرج آلاف المتظاهرين، غالبيتهم من الشباب، إلى الشوارع في مدن مدغشقر المختلفة منذ يوم الخميس الماضي، تحت شعار: “نريد أن نعيش، لا أن ننجو”. يعكس هذا الشعار مدى الإحباط الذي يشعر به الشباب المدغشقري تجاه الأوضاع المعيشية الصعبة والفرص المحدودة المتاحة لهم.

مواجهات عنيفة وتنديد دولي:

أثارت الاحتجاجات ردود فعل متباينة، حيث استخدمت قوات الأمن القوة لتفريق المتظاهرين، مما أدى إلى سقوط ضحايا وإصابات. وقد ندد مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان بالاستخدام “المفرط للقوة” من قبل قوات الأمن، مشيرًا إلى مقتل ما لا يقل عن 22 شخصًا وإصابة 100 آخرين.

من جانبها، رفضت وزارة الخارجية في مدغشقر هذه الأرقام، مدعية أن البيانات “تستند إلى شائعات أو معلومات مضللة”.

توسع رقعة الاحتجاجات وحظر التجول:

بدأت الاحتجاجات في العاصمة أنتاناناريفو، لكنها سرعان ما امتدت إلى ثماني مدن أخرى في جميع أنحاء البلاد. تم فرض حظر التجول من الغسق حتى الفجر في أنتاناناريفو بعد ورود تقارير عن أعمال عنف ونهب، واستخدمت الشرطة الرصاص المطاطي والغاز المسيل للدموع لتفريق الحشود.

عبر فولكر تورك، رئيس مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، عن “صدمته” إزاء الحملة العنيفة التي شنتها قوات الأمن، والتي قال إنها شهدت أيضًا اعتقالات وضربًا واستخدام الرصاص الحي ضد المتظاهرين. وحث قوات الأمن على “الكف عن استخدام القوة غير الضرورية وغير المتناسبة والإفراج الفوري عن جميع المتظاهرين المحتجزين تعسفياً”.

وفقًا للأمم المتحدة، فإن القتلى “يشملون متظاهرين ومارة قتلوا على أيدي أفراد من قوات الأمن، ولكن أيضًا آخرين قتلوا في أعمال عنف ونهب واسعة النطاق لاحقة من قبل أفراد وعصابات لا علاقة لهم بالمتظاهرين”.

استقالة وزير الطاقة وتصاعد المطالب:

في الأسبوع الماضي، أعلن الرئيس المدغشقري أنه أقال وزير الطاقة بسبب فشله في أداء وظيفته بشكل صحيح، لكن المتظاهرين طالبوا باستقالة الرئيس وبقية حكومته أيضًا.

خطوات الرئيس الجديدة:

في خطابه، أعرب الرئيس راجولينا عن تفهمه “للغضب والحزن والصعوبات التي تسببها انقطاعات الكهرباء ومشاكل إمدادات المياه”. وأعلن عن “إنهاء مهام رئيس الوزراء والحكومة”، مشيرًا إلى أنه سيتم استقبال طلبات لشغل منصب رئيس الوزراء الجديد على مدى الأيام الثلاثة المقبلة قبل تشكيل حكومة جديدة.

وأشار إلى أن من هم في مناصبهم حاليًا سيعملون كوزراء مؤقتين ريثما يتم تشكيل حكومة جديدة، معربًا عن رغبته في إجراء محادثات مع الشباب.

اتهامات متبادلة وتاريخ من الاضطرابات:

تضمنت بعض التقارير في الأسبوع الماضي أن المتظاهرين ألحقوا أضرارًا بمنازل اثنين على الأقل من المشرعين – ربما عن طريق إضرام النيران فيها. ومع ذلك، تزعم حركة “الجيل زد” أن مسلحين مدفوعين الأجر نهبوا مباني مختلفة لتقويض قضيتهم.

يذكر أن مدغشقر شهدت عدة انتفاضات منذ استقلالها في عام 1960، بما في ذلك احتجاجات حاشدة في عام 2009 أجبرت الرئيس السابق مارك رافالومانانا على الاستقالة وشهدت وصول راجولينا إلى السلطة.

تمثل هذه الاحتجاجات التحدي الأكبر الذي يواجهه الرئيس منذ إعادة انتخابه لولاية ثالثة في عام 2023.

تحليل الأزمة وتأثيرها المحتمل:

تعكس الأزمة السياسية الحالية في مدغشقر حالة من الإحباط المتراكم لدى الشعب، خاصةً الشباب، بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية. إن إعلان الرئيس عن حل الحكومة يمثل استجابةً جزئية لمطالب المتظاهرين، لكن يبقى التحدي الأكبر في تشكيل حكومة جديدة قادرة على معالجة المشاكل الجذرية التي تواجه البلاد وتحقيق تطلعات الشعب. من المتوقع أن يكون لتطورات هذه الأزمة تأثير كبير على مستقبل مدغشقر واستقرارها السياسي والاقتصادي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى